التقرير السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني - سوريا عن شهر شباط 2023

التقرير السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني - سوريا عن شهر شباط 2023

أصدر المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا تقريره السياسي عن شهر شباط 2023. وتلقت ريباز نسخة من التقرير جاء فيه:

الحدث الأبرز في شهر شباط الجاري والذي شغل المنطقة والعالم هو موضوع الكوارث الناتجة عن الزلازل التي بدأت يوم 6 منه فجراً بدرجة 7,7على مقياس ريختر، واستمرّت في ارتداداتها وتجدّدها في جنوب تركيا وشمال غرب سوريا، ومنها مناطق عفرين وجنديرس وغيرها من الأرياف، والتي أودت بحياة عشرات الآلاف من البلدين وإصابة مئات الآلاف فضلاً عن الخسائر المادية الجسيمة، حيث هدم الزلزال آلاف المباني والمحال، إلى جانب تشقق الطرقات وتصدُّع الجسور والأنفاق.. الخ، ومن المفارقة الغريبة أن هيئة الأمم المتحدة قد تأخرت كثيراً في اتّخاذ التدابير اللازمة لتقديم العون والمساعدة للمنكوبين، في حين كان الأولى بها أن تبادر هي قبل غيرها من الدول والمؤسسات في هذا الشأن، حيث عقد مجلس الأمن اجتماعه بعد أكثر من اسبوع من النكبات التي حصلت، كما اتّخذها البعض سبيلاً لمدّ وتعزيز علاقاتها السياسية، وفي المقدمة منها النظام السوري الذي تأخّر في فتح المعابر الحدودية لوصول المساعدات، واستطاع استثمار الكوارث لأغراض سياسية هادفة للتطبيع مع بعض الدول العربية منها والأجنبية، وقد نجح في ذلك إلى حدّ ما، وقد ساعده في ذلك تجميد عقوباته الاقتصادية ولو لفترة زمنية مؤقتة أو ربما تمدّد بحسب وضع الحالة الناتجة عن الزلازل والكوارث التي حلت بكل من سوريا وتركيا، ومن الجدير ذكره أن تركيا قد ركّزت اهتمامها بمناطقها التي شملت عدة محافظات، وهكذا النظام السوري كان اهتمامه بعد وصول المساعدات بالمناطق الخاضعة لسيطرته، باستثناء مناطق عفرين وجنديرس التي تأخر وصول المساعدات إليها لأنها كانت خارج سيطرة النظام وخارج اهتمام تركيا، إلى أن وصلت مساعدات مؤسسة البارزاني الخيرية بمبادرة من سيادة الرئيس المناضل مسعود البارزاني، حيث استقبلها المتضررون في تلك المناطق بالهتاف والسرور، وما ساهم في تعزيز ارتياح الأهالي هو زيارة رئيس الإقليم الأخ العزيز نيجيرفان البارزاني إلى المناطق المنكوبة ولقائه مع أوساط واسعة من المتضرّرين، ما جعل لهذه الزيارة وقع البلسم الشافي في تخفيف الهموم ووطأة المعاناة، ولاسيما أن مساعدات مؤسسة البارزاني الخيرية قد وزّعت بسخاء ودون تمييز بين المكوّنات من الكرد والعرب والترك ..الخ، وما زاد في ارتياح أهالي منطقتي عفرين وجنديرس هو فتح مقرات للمؤسسة في المنطقة لمتابعة التطورات أولاً بأول، وعن كثب والاستمرار في تقديم العون اللازم حتى النهاية، وفي هذا السياق فقد قام رفاق حزبنا " الحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا، بحملة جمع التبرعات النقدية والعينية في إقليم كوردستان وتقديمها للمتضرّرين عبر مؤسسة بارزاني الخيرية، كذلك قام رفاق حزبنا والمجلس الوطني الكردي في أوروبا ومناطق اخرى بحملات تبرّع مماثلة في ذات الشأن..

في شأن الأزمة السورية، لا يزال المجتمع الدولي إزاءها في صمت، ولا تزال الدبلوماسية الأممية دون حراك يُذكَر بشأنها، سواءً على صعيد التفاوض بين النظام والمعارضة أو على صعيد استئناف اللجنة الدستورية لعملها، باستثناء المبعوث الدولي إلى سوريا "غير بدرسون " يعرض أحياناً على المجتمع الدولي وعبر هيئة الأمم المتحدة انطباعاته وتصوّراته حيالها، فقط أمريكا ومعها التحالف الدولي تعرب عن موقفها بالتمسّك بالحل السياسي وفق القرارات الدولية ولاسيما القرار 2254 ومرجعية جنيف1، وتؤكد على عزمها البقاء في سوريا والعراق مادام الإرهاب قائماً، وتنسّق بين القوى المعنية لمحاربته، وتؤكد أنها لا تدعو، ولا تدعم التطبيع مع النظام السوري سواء للجانب العربي او للجانب الدولي، مع إصرارها على الحلّ السياسي السلمي المذكور ..

الا ان محور استانا- سوتشي، رغم الوضع الصعب لأطرافه يتحرّك باتّجاه دعم النظام السوري، واستعادة تأهيله وفرض سيطرته وهيمنته على كلّ أو معظم الأراضي السورية، عبر التسوية مع تركيا والتطبيع مع بعض الدول ولاسيما العربية بغية عودة النظام إلى حضن الجامعة العربية كمرحلة أولى، ومن ثم العمل في الوضعين الداخلي السوري والخارجي في سعيٍ لاستعادة الثقة بالنظام وتأهيله دولياً.. لكن تلك الأطراف المعنية من المحور المذكور قد تبدو عاجزة عن استكمال المساعي في ذات الشأن، وكل بحسب الظروف والعوامل الحائلة دون تقديم الخدمات اللازمة لتحقيق ما يصبو إليه النظام السوري..

روسيا ماتزال تعاني من تورطها في حربها على أوكرانيا ومواجهتها لقدرات وترسانات العديد من دول "حلف الناتو" في استنزاف لإمكانياتها وطاقاتها الاقتصادية والعسكرية وعزلتها النسبية سياسياً، وهي في دوامة عنف قد تطول او تكون بعيدة المدى، ولا سبيل امامها سوى الاهتمام بوضعها وآفاق سياستها ومستقبلها الاقتصادي والاجتماعي، بل هي أمام مراجعة نقدية حقيقية لتلك السياسة ابتغاء النجاة من الورطة المستعصية واستعادة طبيعتها الاعتيادية كما كانت في السابق..

تركيا، منهمكة في قضايا الوضع الداخلي ولاسيما المتعلق منها بالكوارث الناتجة عن الزلازل المدمّرة المذكورة والتي ضربت العديد من المحافظات الغربية، وما ينبغي لها من السّعي نحو تقديم العون والمساعدة للمنكوبين والمتضررين، وما ينبغي اتّخاذه من الاستعداد ولو بمؤازرة المجتمع الدولي لإعادة البناء لما تعرّض للهدم والتقويض من المباني والجسور والطرقات التي قد تحتاج لمليارات الدولارات، وكذلك الأوضاع الاقتصادية والسياسية، خاصة أن موعد الانتخابات البرلمانية يقترب، وإن هناك تحالفات واسعة للمعارضة استعدادا لتلك الانتخابات ما يثير مخاوف الحزب الحاكم " العدالة والتنمية " جرّاء ذلك، وما ينبغي له من اتخاذ ما يلزم من الإجراءات حيالها، إنها أوضاع استثنائية قد تثقل كاهل الحزب الحاكم ما تعجزه عن الاهتمام بالشؤون الأخرى كما جانب النظام السوري وغيره..


إيران، هي الأخرى يهمها وضعها الداخلي وما تشهدها من توسيع وتعميق حالة الهيجان الشعبي في تصعيد الاحتجاجات لدرجة أشبه بانتفاضة أو مقدّمات لثورة شعبية أو قد تتحوّل إلى ثورة عارمة للجياع تحدُّ أولاً بأول من دور النظام الإيراني وعجزه عن السيطرة و مواجهة الجماهير او الاستجابة لطلباتها التي تحوّلت إلى شعارات إسقاط نظام الملالي، الذي يفقد يوماً بعد آخر مقوّمات بل عوامل شرعية وجوده، هذا فضلاً عن الحالة المعيشية الصعبة لأوساط واسعة من المجتمع الإيراني بكل مكوناته وشرائحه الاجتماعية نتيجة الوضع الاقتصادي المتردّي سواءً بسبب العقوبات الاقتصادية أو لجهة تصرّفات النظام وتدخّلاته في شؤون الدول الإقليمية على حساب اقتصاده او قوت شعبه، هذا ناهيك عما يثقل كاهل النظام وخصوصاً الضغوط الغربية عليه بعد توقف المفاوضات بشأن الملف النووي الإيراني، وهكذا التهديدات الأمريكية والاسرائيلية له وقصف هذه الأخيرة لمواقع قواته في الأراضي السورية، ما يعني ان النظام الايراني عاجز هو الآخر عن دعم غيره وخصوصاً النظام السوري، بل تتجه إيران نحو المزيد من الصعوبات والأزمات الخانقة..

العراق، يبدو أن حكومة السيد محمد شياع السوداني تتجه نحو إعطاء الأولوية لمحاربة الفساد المالي والإداري بالدرجة الأساس لأنها ترى في ذلك كلّ معوقات الاستقرار الأمني والسياسي، وبالتالي معوقات التنمية الاقتصادية والتطور العام للعراق، كما يظهر أن عراقيل وعقبات تناول هذا الملف كثيرة، ومن داخل الإطار التنسيقي نفسه الذي رشّح السيد السوداني لرئاسة هذه الحكومة، والخلافات بدت تظهر بوضوح في هذا الاتجاه، كما أن تجاهل دور التيار الصدري أو اعتبار موقفه خروجاً عن المشهد السياسي العراقي، وكذلك تسويف قضايا الخلاف بين بغداد و هولير، وتركها دون حلٍّ يُرضي الجميع، إنما هي كلها عوامل تغرق العراق في مشاكل وأزمات، وعليه ينبغي الوقوف عندها بجد، والسعي من أجل وضع الحلول الموضوعية لها تجنباً لاستفحالها، وتحقيقاً لضرورات المرحلة، وبالتالي تكون عوامل هامة ومساعدة في تمكين الحكومة من تناول الملفات العالقة الأخرى، وحل قضايا الخلاف بطريقة قد تكون سهلة وميسرة من خلال التعاون والعقل الجمعي المسؤول للعراق..

إقليم كوردستان، بدا واضحاً في الآونة الأخيرة دور قيادة الإقليم ونشاطها على أكثر من صعيد ومستوى، تجلّى ذلك في الشأن العراقي العام، ومساعيها في دعم الحكومة الجديدة لحل المشاكل بين الكتل والقوى العراقية ومحاولة إيجاد شكل من التعاون والتنسيق بين الأطراف المتنازعة بعيداً عن المحاصصة أو الاستئثار لهذا الطرف أو ذاك، ثم السعي للمساهمة في سياسة العراق الخارجية وتقويمها عبر الجولات الاقليمية والدولية للسادة رئيس إقليم كوردستان ورئيس حكومة الإقليم، وهكذا بخصوص الملفات العالقة بين بغداد و هولير وخصوصاً المتعلق منها بالنفط والغاز والموازنة العامة للدولة وكذلك موضوع المادة 140 من الدستور العراقي، كما تم تقديم النقد والملامة للمحكمة الاتحادية بشأن موقفها السلبي من حصة الإقليم من الموازنة العامة للدولة، كما لم تدخر قيادة الإقليم جهداً في تسوية الوضع الداخلي بين القوى والأحزاب الكوردستانية وتوفير عوامل التفاهم بينها، ولاسيما مع الاتحاد الوطني الكوردستاني، وعلى صعيد الشعب الكردي خارج إقليم كوردستان فلابد من الاشادة بقيادة الإقليم، وتثمين دور الرئيس المناضل مسعود بارزاني في تقديم العون والمساعدة بسخاء عبر مؤسسة بارزاني الخيرية - كما ذكرنا - إثر كوارث الزلازل الأخيرة ودون تمييز بين المكوّنات كافة بسبب الانتماء القومي أو الديني أو السياسي ..الخ..

كوردستان سوريا، تتزايد معاناة شعبنا يوماً بعد آخر نتيجة الظروف المعيشية الصعبة، بسبب الغلاء الفاحش، حيث ارتفاع أسعار المواد التموينية الضرورية للحياة وتدنّي القدرة الشرائية لشرائح واسعة من المجتمع بسبب البطالة أو عدم تناسب الأجور مع تلك الأسعار المرتفعة للسلع الاستهلاكية، وما يزيد من تفاقم الأزمات الاجتماعية هو غياب دور إدارة الـ ب ي د في الرقابة على الأسعار أو في وضع الخطة اللازمة لتوفير الحاجيات الضرورية، وما ينبغي لها من تحديد الأسعار بما يتناسب مع القدرات الشرائية أو لتوفير فرص العمل اللازمة ..الخ، ما يعني فشل هذه الإدارة في تحقيق الاستقرار الاجتماعي وحتى الاستقرار الأمني، لا بل تزيد الوضع الأخير سوءاً بمداهمة البيوت والاعتقالات أو الدعوة لاستجوابات أمنية على غرار سلطة البعث، وملاحقة الشباب المستمرة والقاصرات للتجنيد الاجباري ما يكون ضغطاً على هذه الفئة العمرية للبحث عن منفذ للهروب الى بلدان اللجوء الأجنبي، ولاشك أن الوضع في المناطق الأخرى (سري كانييه وگري سپي وعفرين) أكثر سوءاً، وجاءت كوارث الزلازل الأخيرة المدمّرة وخصوصاً في هذه الأخيرة وجند يرس لتجعل الحالة مأساة حقيقية تعصف بالبشر والحجر والمباني والطرق والجسور.. الخ. ما يقتضي مدّ يد العون والمساعدة لها باستمرار.

المكتب السياسي
للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا
قامشلو 7 / 3 / 2023