لماذا تحتاج النساء للتشجيع على نشر كتاباتهن؟

لماذا تحتاج النساء للتشجيع على نشر كتاباتهن؟

الخنساء، عائشة التيمورية، مي زيادة، فدوى طوقان، نازك الملائكة، شارلوت برونتيه، مايا أنغلو، أديبات تركن بصمة لا تمحوها الأعوام، بل ترسخها، والسبب الوحيد لذلك هو أن أصواتهن خرجت للعالم فأضافت إليه، وأفكارهن تنقلت عبر الحروف فأغنتها بالمعاني، ورغم كل العقبات، سار كثير من النساء على درب الإبداع، لكن الأكثرية ما زلن متعثرات وعلى الأغلب مترددات أيضا.

الرجل الأبيض في الغرب يسيطر على مجال النشر، والرجل بصفة عامة يسيطر على الإصدارات في العالم، ومن الإنصاف أن نقول إن هناك تقدما كبيرا في حجم مشاركة النساء بالأدب، فبينما كان فقط ربع الإنتاج في إنجلترا نسائيا في خمسينيات القرن الماضي، ازداد بثبات ليقترب من المناصفة عام 2000 في إنجلترا بحسب دراسة قامت بها صفحة "بودينغ كول" (pudding cool)، ثم بدأ الرقم بالتفاوت بين هبوط وصعود، أما في الولايات المتحدة والدول العربية فالفارق ما يزال كبيرا بين إصدارات النساء والرجال.

وبينما لا يُستبعد أن يكون بالأمر تفرقة -سواء مقصودة أو غير مقصودة- إلا أن هناك أمورا في يد الكاتبات يجب التغلب عليها.

ولمزيد من التفاصيل؛ التقت الجزيرة نت الشاعرة المكسيكية الأميركية سوتشيل هوليسا بيرميخو، إحدى مؤسِّسات منظمة "النساء اللاتي يُسَلِّمن" (Women Who Submit)، وهي مؤسسة غير ربحية تأسست في 2011 لتشجيع النساء على خوض مجال النشر، وكان الحوار التالي.

لماذا تحتاج النساء خاصة للتشجيع على نشر كتاباتهن؟
بناء على دراسة قامت بها آشاكي جاكسون وأليس ديكسون عن النساء والنشر، كُشف عن أن نسبة منشورات النساء أقل بكثير من زملائهن في المهنة من الرجال، وحينما سألت الباحثتان مسؤولين في مؤسسات كبرى كصحيفة "نيويورك تايمز" (New York Times) عن هذا الفرق، كانت الإجابة هي أن النساء لا يُقدمن على إرسال مواد بقوة كما يفعل الرجال.

ما هي صور تشجيع النساء لاقتحام مجال النشر؟
نوفّر على صفحتنا مصادر من مقالات تشجيعية وتعليمية وإعلانات عن فرص نشر متاحة، ونساعد الكاتبات على تحديد أهدافهن المهنية، لكن هدفنا الأساسي هو حفلات التسليم، بمعنى أنه يتم خلال الحفل تسليم مواد للنشر من كل مشتركة.

كيف تكون حفلات التسليم؟
نعلن عن الحفلات قبل الموعد بفترة، لتُعد الكاتبات موادهن ونتقابل يوم الحفل، وكل مشتركة تُعد خطابات الإرسال على حاسوبها في هدوء تام، ثم تأتي فقرة إرسال المواد، خيالية كانت أو شعرية أو أبحاث ومقالات، ولمدة ساعتين ترسل المشتركات كتاباتهن للصحف ودور النشر والجامعات، وكلما ضغطت إحداهن على زر "أرسل"، أعلنت بصوت عال فنصفق لها.

هل تتولون رعاية من ترغب في الكتابة لتصل إلى مستوى المهنية؟
عادة لا نُعلّم فن الكتابة نفسه، بل نركز على الكاتبات المؤهلات اللاتي تحتجن لبعض الثقة والدعم والدفع ليقدمن على تسليم أعمالهن، لكن في 2020 أجرينا أول ورشة عمل للكتابة، وقررنا أن تتكرر مرتين كل عام.

يزداد في مجال النشر الحديث عن ضعف وجود النساء على الساحة، فما رأيك؟
النساء يحتجن لاقتحام مجال النشر بشكل أوسع مما هن عليه بكثير، النشر ما زال يهيمن عليه الرجل الأبيض الذي غالبا يقطن في شرق الولايات المتحدة وخاصة في نيويورك.

كثير من الكتّاب الرجال يكتبون عن المرأة، ألا يوصلهن ذلك للقارئ؟
حينما يكتب الرجال عن النساء فهم يحاولون التقارب معهن وتقريب رأيهن لكنهم يخطئون لعدم إلمامهم بكل الجوانب، فهم لم يخوضوا التجربة، فلن يستوعب أحد ما يمر به النساء أفضل منهن، وبالأخص المرأة الملونة، فلها تجاربها الفريدة وهي أفضل من يرويها.

كذلك فالنساء يحتجن إلى أن يجربن شعور أن الناس تستمع لهن، ويجب أن يجدن أنفسهن ويرين أنفسهن في الأدب كأداة للتعايش مع كل ما يمررن به، نحن في حاجة إلى قصص النساء بصفة عامة والصعوبات التي تواجههن.

يوجد على صفحتكم مقالا من إحدى النساء تتحدث فيه عن طريقة تعلمتها منك في ورشة عمل وطبقتها لتتمكن من الكتابة عن صدمات سابقة، فما هي؟ ولماذا تهتمين بهذا النوع من الكتابة؟
الكتابة عن الصدمات تمنح القدرة على السيطرة على الحدث لوضعه في الماضي، وتوقيفه عن التحكم في الحاضر والمستقبل، لدينا تجارب خاصة بنا كنساء، وخاصة بالنساء المهاجرات اللاتي تركن بلادهن بما فيها من عنف، يجب أن تتعلم الكاتبة أن تفصل نفسها عن الحدث حتى تتمكن من روايته، فهذه التجارب ثقيلة في مشاعرها وتأثيرها النفسي.

اسم المنظمة "النساء اللاتي يُسَلِّمن" في حين إن المنظمة تشجع النساء على عدم التسليم؟
في الواقع نحن لم ندرك أنه قد يساء فهم الاسم عند اختياره، كل ما أردناه هو أن النساء يسلمن كتاباتهن للناشرين، ربما لو بدأنا المنظمة اليوم ما كنا لنختاره، لكن هناك وجهة نظر أخرى؛ وهي أننا نريد أن نسحب من الجملة معناها السلبي المتداول، وبدلا من أن يظن الناس أن تسليم النساء ضعف، نحن نحول دفة الحوار لتعني القوة في المشاركة.

ما زال هناك المزيد من الخطوات والعثرات أمام مشاركة المرأة في صنع فكر المجتمع، والأمر يحتاج لتوعية وربما ضغط على مسؤولي النشر، لكن لا يمكن لهؤلاء أن يعطوا لها المجال إلا إن تمكنت من أدوات المهنة وأرسلت بقوة دون يأس، ويجب عليها ألا تشك في أن ما لديها ينفع المجتمع بأسره.

المصدر: الجزيرة