بيان المنظمة الآثورية الديمقراطية في عيد الشهيد الآشوري

بيان المنظمة الآثورية الديمقراطية في عيد الشهيد الآشوري

أصدر المكتب التنفيذي في المنظمة الآثورية الديمقراطية اليوم، الجمعة 7 آب/أغسطس 2020، بياناً بمناسبة يوم الشهيد الآشوري, أكدت فيه على أهمية العمل بين جميع القوى المؤمنة بالديمقراطية وحقوق الإنسان على تكريس ثقافة الاعتذار والتسامح.

نص البيان
يحيي أبناء شعبنا السرياني الآشوري في السابع من آب من كل عام عيد الشهيد الآشوري استذكارا للمذبحة التي ارتكبت بحقه في بلدة سيميل العراقية في مثل هذا اليوم من العام 1933، حينما اجتاحت قوات الجيش العراقي بإمرة قائد الجيش بكر صدقي بلدة سيميل والقرى المحيطة بها، تنفيذا لقرار حكومة رشيد عالي الكيلاني المشبعة بالأفكار النازية، وسبقَ ذلك حملة مكثّفة في الصحافة العراقية بقصد التحريض وإثارة الغرائز والمشاعر العدائية ضد الاشوريين المطالبين بأبسط حقوقهم الإنسانية، وفي ظل صمت حكومة الانتداب البريطانية، وأسفر هذا الاجتياح الذي استخدمت فيه كل أصناف الأسلحة من مدفعية وطيران، عن استشهاد حوالي 5000 إنسان من المدنيين الأبرياء جلهم من الأطفال والنساء والشيوخ.

على الرغم من أن مذبحة سيميل لم تكن المذبحة الأولى التي ارتكبت بحق السريان الاشوريين، فقد سبقتها وتلتها العديد من المجازر، إلا أنها كانت، ويا للمفارقة، باكورة ( انتصارات) الدولة العراقية الوطنية الحديثة على جزء أصيل من شعبها!، ( حيث استقبلت قوات الجيش المنتصرة على الأعداء بالورود وأكاليل النصر وبترقية المجرم بكر صدقي)، و الأخطر من ذلك فقد شكلت نقطة عبور العسكر للهيمنة على السلطة والتحكّم برقاب الشعوب والتأسيس لمنطق إرهاب الدولة والعقاب الجماعي التي مارستها الطغم العسكرية في العراق وسوريا والعديد من دول المنطقة لاحقا، والتي لا تزال قائمة ليومنا هذا.

تمرُ الذكرى السابعة والثمانون لمذبحة سيميل، ولا تزال شعوب المنطقة تدفع ثمنا باهظا لتلاميذ أولئك الطغاة، وتدفع أيضا ثمن التغاضي الدولي والشعبي عن تلك الجرائم وتمريرها دون محاسبة أو مساءلة، لا بل تجاهلها وربما تبريرها في الكثير من الأحيان كتجلّي صارخ لمعنى الاستلاب والاستبداد ببعده الإجتماعي و الذي لا يقل وطأة عن استبداد السلطة. ولا يزال أبناء شعبنا السرياني الاشوري في موطنهم التاريخي محرومين من أبسط حقوقهم الثقافية، ومن مجرّد الاعتراف بهويتهم و بوجودهم في بلاد لم يعرفوا غيرها وطنا لهم منذ بداية التاريخ، ويتشاركون معاناتهم المعيشية والأمنية وحرمانهم من ابسط الحقوق الإنسانية والديمقراطية مع بقية أبناء الشعب السوري، الذي طالت محنته ومعاناته في سبيل تحقيق تطلعاته في إنهاء النظام الشمولي، وبناء دولته العصرية ونظامه الديمقراطي. فالنظام مدعوما بحلفائه لا زال مصرّا على استخدام كل وسائل العنف لإجبار السوريين على التخلّي عن مطالبهم المشروعة في الحرية والكرامة، ولا يزال مستمرا في محاولته المماطلة والتهرب من استحقاقات العملية السياسية وفق القرار 2254، الكفيلة بإنهاء الصراع وتحقيق التغيير الديمقراطي.

إن المنظمة الآثورية الديمقراطية انطلاقا من جوهر مبادئها وأهدافها، ونضالها مع بقية السوريين في إنجاز التغيير الديمقراطي المنشود وبناء الدولة العصرية بنظامها الديمقراطي العلماني وبدستورها الذي يضمن حقوق جميع السوريين أفرادا ومكونات قومية، وانسجاما مع سلوكها وادائها السياسي الذي اتّسم بالانفتاح والعقلانية والابتعاد عن الصراعات الصفرية والخطابات الشعبوية، وتماشيا مع برنامجها السياسي الذي يولي أهمية خاصة لتقريب وجهات النظر ومد جسور الثقة ودعم مبادرات التقارب والتنسيق والتكامل، والعمل السياسي التحالفي بين قوى المعارضة السورية، مدفوعين بإرادة سياسية صلبة ووفق بوصلة الصراع السياسي الأساسي بين الشعب ونظام الطغمة في دمشق، فقد أسّست مع كل من المجلس الوطني الكردي في سوريا وتيار الغد السوري والمجلس العربي في الجزيرة والفرات، تحالفاً سياسياً باسم "جبهة السلام والحرية" أواخر تموز الماضي، على قاعدة التقاطعات الكبيرة في الرؤية السياسية وتتويجا لعمل وتنسيق مشترك ولحوارات معمقة، كحطوة عملية لتجسيد هذا التوافق وللعمل المشترك على إنجاز مجموعة من المهام الوطنية بالتنسيق والتكامل مع بقية أطر المعارضة السورية. والمنظمة في الوقت الذي تتفهم فيه بعض المواقف التي انتقدت تأسيس الجبهة انطلاقا من تزامن ذلك مع انطلاقة المباحثات بين المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي وحلفائه في إطار أحزاب الوحدة الوطنية الكردية برعاية أمريكية وربطهم ذلك بقراءة تفترض وجود مخطط امريكي شرقي الفرات يهدّد وحدة ومصالح السوريين، فإننا نؤكد: بأن الحوارات بين الأطراف المؤسسة للجبهة، كانت قد انطلقت قبل بدء تلك المباحثات وبدون أي تنسيق مع أي طرف دولي. رغم تأكيدنا السعي لتحقيق تفاهمات مع جميع الأطراف السورية والدولية لتحييد مصالح السوريين عن صراع المصالح المتناقضة للدول المتدخلة في سوريا. أمّا بالنسبة للأصوات الأخرى التي استنكرت رؤيتنا وسعينا لأن تكون سوريا دولة متعددة القوميات والثقافات والأديان التي جاءت كترجمة لواقع التنوّع الذي عُرِفت به سوريا تاريخياً، فنحيلهم إلى بيان قوى الثورة والمعارضة السورية الثاني الموسع الصادر عن اجتماعها في الرياض ( بيان الرياض 2) بتاريخ 22 تشرين الثاني / نوفمبر 2017 والذي أكد الموقعون عليه بأنه المرجعية الوحيدة لهيئة المفاوضات السورية، كما نحيلهم إلى العديد من وثائق قوى المعارضة السورية كوثائق مؤتمر القاهرة الاول والثاني وغيرها.

إن المنظمة الآثورية الديمقراطية في إحيائها لهذه الذكرى الأليمة لا تسعى لإيقاظ الجرح ولا لاجترار خطاب المظلومية. بل تكريما لأرواح الشهداء ولقيم التضحية والفداء، ولتذكير العالم وخاصة من أبناء المنطقة، بأن طمس الجرائم أو السكوت عنها أو تبريرها تحت أي ذريعة كانت وخاصة تلك التي لا تزال تمارسها الأنظمة أو المجموعات الإرهابية، هي بمثابة شرعنتها وعاملا لاستمراريتها وتكرارها. من هنا نؤكد في المنظمة الآثورية الديمقراطية على أهمية العمل بين جميع القوى المؤمنة بالديمقراطية وحقوق الإنسان على تكريس ثقافة الاعتذار والتسامح والارتقاء بالرابطة الوطنية الجامعة والتصدي لكل أنواع التقوقع والانعزال والعنصرية، ونعاهد شعبنا السرياني الآشوري في الوطن والمهجر، على الاستمرار بالتعاون والتنسيق مع بقية قوى ومؤسسات شعبنا ومع بقية القوى الديمقراطية في نضالنا بمواجهة الاستبداد والتعصّب والإرهاب ليعيش الجميع متساويين بحرية وكرامة.

المجد والخلود لشهداء مذبحة سيميل وشهداء شعبنا السرياني الآشوري وكل شهداء الحرية.

سوريا في 7 آب 2020

المنظمة الآثورية الديمقراطية
المكتب التنفيذي