حوار خاص مع الكاتب وليد حاج عبد القادر

حوار خاص مع الكاتب وليد حاج عبد القادر
الكاتب وليد عبد القادر

حاورته: الإعلامية ميديا دورسن

يولد الإبداع من رحم المعاناة، بسبب نضاله وحبه لوطنه اعتقل من قبل النظام السوري، فتوجه إلى خارج بلاده باحثاً عن الأمان، واستمر على نهجه وحبه لوطنه، إنه الكاتب والروائي الكوردي وليد حاج عبد القادر، ابن مدينة ديرك في كوردستان سوريا، من مواليد 1956، حيث درس فيها المرحلة الإبتدائية والإعدادية والأول الثانوي، ومن ثم انتقل إلى مدينة قامشلو، وتخرج من كلية الآداب جامعة دمشق قسم الجغرافية عام 1979، تعرض للاعتقال عام 1992 مع رفاقه المناضلين على يد أجهزة مخابرات أمن للنظام السوري وحُوكموا أمام محكمة أمن الدولة التابعة للنظام السوري وأُطلق سراحهم عام 1994، ولكن تم حرمانه من الحقوق المدنية والسياسية.

وفي حوارٍ خاص مع ريباز نيوز, قال الكاتب وليد عبد القادر: "قضيتي الأساسية ستبقى تتمحور حول مصير البشرية جمعاء وعلى أرضيتها قضية شعبي الكُردي", وأضاف: "يجب العمل وبجدية على إنقاذ إرث وثقافة هذا الشعب".

وفيما يلي نص الحوار كاملاً:

** في البداية، حدثنا عن مراحل حياتك والصعوبات التي واجهتها وأبرز ما رسخ في ذهنك؟
- ولدت في مدينة ديريك وفيها تأسست ونمت معظم تصوراتي وقناعاتي وكان لإشتغال الوالد في العمل السياسي عامل هام في مواظبة وبالتالي ترسيخ قضايا جداً هامة في ذاكرتي، ديريك المدينة التي كتبت فيها أول شخبطاتي أيضا.

وفي نهاية الصف الأول الثانوي انتقلنا إلى القامشلي وفيها أنهيت الثانوي وتخرجت من جامعة دمشق قسم الجغرافيا سنة ١٩٧٩، فبعد تخرجي ذهبت للجيش وبعدها توظفت في الحسكة حوال سبع سنوات وفيها اعتقلت وبعدها بدأت سريالية الغربة التي طالت كثيراً. هذا الوضع وترحالها جعلت من ديريك ركيزة رئيسة حتى أنني بت لا اعترف بطول هذه الفترة التي غادرتها من جهة وظلت ملامحها من أشد مما التصق في عميق ذاكرتي ولعل أبرز مما رسخ في وعيي هما حالتان : مداهمة الأمن السياسي لبيتنا في ليلة شتوية عاصفية واخراجنا جميعا من فرشنا وحتى بواري المدفأة ونتفات الثلج كانت تتساقط، والحالة الثانية كانت اعتقال والدي قبيل عيد الأضحى واطلاق سراحه صباح العيد، وعلى الصعيد الكتابي حيث أول فلقة نلتها كانت بسبب عرض أول مسرحية لي صيف عام ١٩٧٤.

** هذا السؤال التقليدي ربما قد وُجّه إليك أكثر من مرة في مقابلاتك لكنه بالرغم من تقليده يبقى سؤالاً مهماً، متى بدأت الكتابة؟
- عرف عني منذ صغري بشغفي للقراءة والمطالعة ومواظبتي على المركز الثقافي هناك والأهم عشقي للقصص الشعبية، هذا الأمر الذي أسس لي ثروة من الكلمات وطرق تعابير ملفتة للنظر حيث كانت مواضيعي في التعبير والإنشاء ملفتة، وفي المرحلة الإعدادية ارتقت سبل مطالعاتي خاصة للقصص والروايات الرومانسية وكنت نهما لروايات نجيب محفوظ واحسان عبدالقدوس وجرجي زيدان ولم انه الإعدادية الا والبير كامو وهمنغواي ووو ولكني بقيت مع ذلك أسير المنفلوطي وجرجي زيدان وعلى هديها كانت أولى قصة لي بعنوان خالد وصباح ونحن كنا لم نزل بديريك بعد. واتصور انه كان ربيع عام ١٩٧٢.

** في الآونة الأخيرة، أصدرت كتابين جديدين, هل لك أن تحدثنا عن أسمائهم، ونبذة مختصرة عن مضمونهم؟

- الكتاب الأول

هو رواية: آرسي والآفاق المجهولة

وهي رواية حاولت ترسيخ بديهية وحدة الألم البشري من خلال ممارسات صدام حسين الدموي في كردستان العراق واحتلاله للكويت والويلات التي جلبت على المنطقة وتشابك ذلك مع انتفاضة شعبنا في كردستان العراق وفراره إلى الجبال في ذلك الطقس ولحظة مشاهدة أم آرسي - كارمن - لحفر قبر لستة أطفال في كردستان وتذكرها لوفاة طفلها في الأدغال اثناء هروبهم من منازلهم أمام زحف الجيش الياباني الشرس بفتكه في المدنيين، إضافة الى الجانب الرئيس في قصة بطلة الرواية التي كان حلمها ان تحقق رغبتها في الهندسة ولكنها فشلت وان اكملتها من خلال ولدها .. الرواية فيها تحديات كثيرة ونزعات نفسية وأيضاً وهو الأهم: كان فيها نوع من التحدي في استحضار بيئات ونماذج مجتمعية واسماء وتداخل شعوبي عالمي هذه النقطة اسعفتني فيها بيئة دبي وعليها استفسرت عن أقاليم في الفلبين تتشابه بيئتها مع جغرافية كردستان الطبيعية، ولمن يقرأ الرواية سيدرك مدى صعوبة خروجي من شرنقة بقاعي من حيث الشجر والخضار والنهر ..كل ذلك كنوع من التحدي وكمغامرة خلتها في البداية.

أما الكتاب الثاني


فهو بعنوان ملامح ميثولوجية..
وجهة نظر في الذهنية التراثية الأسطورية الكردية


ولا أخفيك بأنه عنوان ومبحث حيوي هام كما وأمانة كبيرة، وعليه يتوجب من اي كان وسعى في هذا الجانب أن يتوخى الدقة والتمحيص سيما أنه سيستند على إرث شفاهي وعلى بقعة جغرافية واسعة وسيتعامل مع لهجات أيضاً عديدة، ولا أخفيك سراً فقد بدأت بهذا العمل تقريباً منذ أوائل ١٩٧٩ وطفت غالبية منطقة ديريك وقراها والتقيت وجمعت حواديت وقصص على لسان كثيرات ممن رحلوا أمثال ( حاجي گولي ، حاجي عاليا ، شفيقة ، خيريا ديا حلي وابنتها حلي ، وحجي فرماني سقا ، وعمشة وهديا وبهية وكثيرات غيرهن .. ) وليمتد الأمر إلى منطقة الكوجر، وهذه ساعدتني فيها الزميلة ليلى قمر.. وبكل صدق : أصبت باندهاش كبير على حجم التقاطع بين ملاحم وقصص شعبية كردية مع كبريات الملاحم والأساطير العالمية .. كل هذا والغاية الرئيس للمبحث أخذ يكشف عن ذاته في التكوين الطقسي لجذر الوعي الميثولوجي الكُردي، والذي كما احتفاليات التكوين او الإينوماليش وقد تقمصت وأخذت تتوالى طقوسها في احتفاليات الزواج وفصول الأعراس - البوطانية منها بشكل خاص .. سأعود وأختصر : خاصة في موضوعة مموزين والذي أصر بأنهما لم يكونا شخصين حقيقيين، وأعلن انحيازي الكامل لمصطلح مير جلادت الذي يعتبر الإسم مركب واحد أي ( مموزين ) والتفاصيل والشواهد عديدة وكافية لتثبت هذا الأمر.

** هل سنرى أي إصدرات جديدة لك في المستقبل القريب؟
بالتأكيد هناك عناوين عديدة قيد الإنجاز ومنها قيد الترتيبات النهائية وأهمها : يوميات حسينو العطار - رواية هيلين ومضارب ميران - رواية ، اوراق من الذاكرة وهي أشبه باليوميات وكذلك رواية مشتى نور ولا يخلو الأمر من تجميع لمقالات ومناكفات وهي أيضاً قيد المراجعة والأهم هو جهدي المتواضع في إمكانية إعادة إحياء نصوصي المسرحية التي قدمت في السبعينيات باللغتين العربية والكردية، وبقي أمر آخر وهو محاولة إعادة صياغة باللغة الكردية لـ -Nêrînin mêjoyî- والتي خطوت فيها وإن كان ببطئ.

** لكل كاتب قضية يحاول الوصول من خلال كتاباته إلى عقل القارئ فما هي قضيتك الأولى؟


- قضيتي الأساسية كما أسلفت سابقاً ستبقى تتمحور حول مصير البشرية جمعاء وعلى أرضيتها قضية شعبي الكُردي، وعلى هذا الأساس ومن خلال استيعابي الكامل لما عاناه ويعانيه، فقد ترسخ في وعيي المتواضع، أنه ولإستمرارية الحفاظ على النسق الخاصوي لشعبي وكأبسط خطوة، يجب العمل وبجدية على إنقاذ إرث وثقافة هذا الشعب والعمل على تدوينه كأرشفة وتجميع والتهيئة للبحث فيها واجراء المطابقات والمقارنات حتى تتوفر ظروف سياسية أرقى لدراستها.. أدرك بإنه جهد كبير ويفترض أن يكون منظماً ولكن: الخطوات الفردية ستحفزها وستساندها.

** في ظل هيمنة وسائل التواصل على حياة الجميع، كيف ترى النشر الإلكتروني وأيهما تفضل النشر الإلكتروني أم التقليدي؟
-عزيزتي: كبوطانية تدركين ما للطعام المعد منزلياً من نكهة عكس الأطعمة الجاهزة - فاست فود - وهكذا النشر الإلكتروني والتقليدي .. وشخصياً لازلت كلاسيكياً جداً في هذا الجانب عكس الجيل الجديد.

** كيف ترى استجابة القراء وإقبالهم على الكتب في المجتمع الكوردي؟
-الواقع ومن خلال ملاحظاتي خاصة منذ عام ٢٠١١ بأن هناك تراجع ملفت لعدد القراء كما وركود رغم الحوافز والمعارض الكبرى وفي أشهر المدن، لابل وحتى المقال السياسي، لابل وعلى صعيد -البوست الفيسبوكي- يلاحظ مدى الملل الذي يبديه القارئ فما بالك بالصفحات العديدة، كل هذا يكاد أن يصبح كظاهرة، مع أن الكرد معروف عنهم حبهم وشغفهم بالمطالعة.

** كيف يمكن للكاتب أن يروّج لكتاباته؟
-لا أخفيك جهلي بهذا الجانب والأصح لم أسع وبصراحة لأساليب بعضهم في بهرجة حفلات توقيع، مع إنها حق وكأي نتاج يتوجب تقديمه وشخصياً أعتمد على وسائل التواصل الإجتماعي كما نشر مقاطع وفصول من كتاباتي وعلى مدار فترات متقطعة، وبالتأكيد فإن للإعلام المرئي والمسموع دور أيضاً في ذلك.

** ما هي نصيحتك للكتّاب الشباب؟
-أي عمل ليستمر ويتقدم عبر العصور لابد للأجيال فيها أن تقتحم مجالاتها لتتقدم وتتطور وعليه فكما الطفل قبل أن يستقيم في مشيته فهو يحبو وهكذا هي الكتابة .. الكتابة هي سهل ممتنع ولكن الأولى هي السباقة وعلى أي شاب مجرد ان تدفعه أحاسيسه دفعا للتدفق كتابة فما عليه سوى صياغتها والسعي لإيجاد منفذ شبه جمعي لقراءتها وابداء الرأي فيها، واهم خطوة انصح الشباب في الإبتعاد عنها هي الحلقيات - الشلليات وكذلك الوصايات التي تتضخم وقد تصل الى تبعية .. الجرأة في الطرح والصياغة والمطالعة والإنخراط في البنية المجتمعية وتبني قضاياه هي من أهم عوامل النجاح.